بها، وله ألا يعمل بها،
كذلك المسافر الإفطار في حقه رخصة، إن شاء عمل بها وهذا أفضل، وإن شاء لم يعمل
بها، وصام، لا بأس بذلك.
قوله رحمه الله: «الثَّانِيْ: الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ،
تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ»، الحائض والنفساء تفطران مدة الحيض، مدة النفاس،
وهذا ثبت بالتواتر أن الحائض، وكذلك النفساء بعد الولادة تفطر، ما دام عليها دم؛
لأنها لو صامت، والدم يخرج منها، تضعف؛ لأن خروج الدم منها يضعفها، فلا يجتمع
عليها مضعفان؛ مضعف الصوم، وخروج الدم منها، فالله خفف عنها، أباح لها الإفطار،
ولو صامت ما أجزأت، هي ليست مثل المسافر والمريض، الحائض لو صامت، ما يجزئها
صيامها، والنفساء لو صامت، ما يجزئها صيامها.
قوله رحمه الله: «وَإِنْ صَامَتَا، لَمْ يُجْزِئْهُمَا»؛
لأنه ما يتناسب الصيام مع الحيض ومع النفاس.
كذلك الحائض لا تصلي، هذا بالإجماع، ولا تقضي الصلاة، تقضي الصيام، ولا تقضي الصلاة، جاءت امرأة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلاَ تَقْضِي الصَّلاَةَ؟ فَقَالَتْ: «أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟»؛ يعني: هل أنت من الخوارج؟ لأن هذا سؤال غريب، فقُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ» ([1])، وهذا تخفيف من الله؛ لأن الصلاة تتكرر في اليوم خمس مرات، فلو أمرت بقضائها، لشق ذلك عليها؛ خلاف الصيام، لا يتكرر، لكن الخوارج يلزمونها بقضاء الصلاة، الخوارج يلزمون الحائض والنفساء بقضاء الصلاة، ولذلك قالت لها: «أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟!».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (321)، ومسلم رقم (335).