قوله رحمه الله: «لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فِيْهِ»، طاعة الله تعالى فيه، أما لو جلس
في بيته أو في خلوة غير المسجد، هذا بدعة، هذه خلوة الصوفية، لا تجوز، لا بد أن
يكون في مسجد، في بيت من بيوت الله عز وجل؛ من أجل صلاة الجماعة، الذي يعتكف في
غير المسجد إما أن يصلي وحده، وإما أن يذهب إلى المسجد، في كل صلاة يتكرر خروجه،
وهذا يتنافى مع الاعتكاف، فلذلك يجمع بين المصلحتين؛ يعتكف، ويصلي مع الجماعة بدون
حاجة إلى الخروج.
قوله رحمه الله: «وَهُوَ سُنَّةٌ، إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ نَذْرًا، فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ»، الاعتكاف سنة، ليس واجبًا؛ لأنه لم يرد الأمر بالاعتكاف، إنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف، وكان أصحابه رضي الله عنهم يعتكفون، فالاعتكاف فيه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهو مستحب، إلا إذا نذره، إذا نذر أن يعتكف، صار واجبًا عليه الوفاء بالنذر، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ» ([1])، هذا عام في الصلاة، والاعتكاف، والصيام، والصدقة، فإذا نذره، صار واجبًا بالنذر، لا بأصل الشرع، وفي الحديث: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَيْلَةً، قَالَ ابْنُ رَجَاءٍ: أو قَالَ: شَهْرًا، فَلَمَّا كَانَ الإِْسْلاَمُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ» قَالَ: فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً ([2])، هو نذر في الجاهلية، لكنه لم يقطعه، فقال له: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6696).