فأرسل على الحج في هذه السنة أبا بكر الصديق رضي الله عنه يحج بالناس،
وأرسل معه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينادي،ويعلن: أن لا يحج بعد هذا العام
مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ([1])، ولما خلا المسجد
الحرام من المشركين ومن العراة، حج صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة حجة
الوداع، ما حج بعد البعثة إلا حجة الوداع مرة واحدة.
وأما العمرة، فقد
اعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات ([2]):
الأولى: عمرة الحديبية أتى
بها بعد الحديبية.
العمرة الثانية: عمرة المقاضاة في
السنة السابعة من الهجرة، وسميت بالمقاضاة؛ لأنها مقاضاة عن العمرة التي صدهم
المشركون عنها.
العمرة الثالثة: العمرة التي أتى
بها من الجعرانة، لما قدم من غزوة حنين أحرم من الجعرانة؛ حدود الحرم.
العمرة الرابعة: العمرة التي قرنها
مع حجه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم حج قارنًا بسبب أنه ساق الهدي من المدينة، والذي
لم يسق الهدي، أمره صلى الله عليه وسلم أن يتمتع؛ أن يحل من العمرة إذا طاف وسعى،
وحلق رأسه، فإنه يتحلل من الإحرام إلى يوم التروية، ثم يحرم بالحج، هذا الذي ما
ساق الهدي من الحل، أما النبي صلى الله عليه وسلم فأحرم قارنًا.
قوله رحمه الله: «يَجِبُ الْحَجُّ وَالعُمْرَةُ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ»، قال الله جل وعلا: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ﴾ [آل عمران: 97] حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، النبي صلى الله عليه وسلم خطب بأصحابه رضي الله عنهم فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (369)، ومسلم رقم (1347).