فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى
قَالَهَا ثَلاَثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا
اسْتَطَعْتُمْ» ([1])، هكذا بين صلى الله
عليه وسلم للناس، لما كان الناس يأتون من بعيد ومن مسافات بعيدة، ويحتاج إلى
مؤونة، خففه الله جل وعلا، فجعله مرة واحدة على المستطيع: ﴿مَنِ ٱسۡتَطَاعَ
إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ﴾، والسبيل فسروه بالزاد والراحلة، فمن توفر عنده الزاد
الذي يبلغه ذهابًا وإيابًا، ويكفي من وراءه من أهل بيته، وتوفر له المركوب الذي
يركبه من أي وسيلة؛ من الإبل، أو من أي وسيلة من الدواب، أو من السيارات، أو من
الطائرات، أو من أي وسيلة يركبها، فإنه يجب عليه الحج مرة واحدة: ﴿مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ
سَبِيلٗاۚ﴾، والاستطاعة تكون بالمال - كما ذكرنا - وتكون بالبدن،
فإذا استطاع بالمال، ولم يستطع بالبدن، وكان عذره مستمرًّا، لا يرجى برؤه؛ مثل:
الشيخ الهرم، والمريض المزمن، الذي لا يستطيع مباشرة الحج بنفسه، يوكل من يحج عنه،
ينيب من يحج عنه، أما إذا استطاع ببدنه، ولم يستطع بماله، فليس عليه حج، أو لم
يستطع بهما - لا المال، ولا البدن - فليس عليه حج، الحمد لله، الله يسر.
قوله رحمه الله: «عَلَى الْمُسْلِمِ»، ماذا يشترط لوجوب
الحج؟ الإسلام والبلوغ والحرية.
قوله رحمه الله: «عَلَى الْمُسْلِمِ»، أما الكافر، فلا يجزيه الحج، وكل الأعمال ما تجزيه حتى يسلم، يدخل في الإسلام، وهذا شرط في كل عبادة، كل عبادة يشترط لها الإسلام.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1337).