×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

وهذا من رحمة الله؛ أن الله ما جمعهم في مكان واحد، لكن الله يسَّر لهم، وكلٌّ يُحرِم من جهته؛ تيسير الله سبحانه وتعالى.

لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأَِهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلأَِهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلأَِهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلأَِهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» ([1])؛ أي: لهذه الجهات. فمن كان من أهل الرياض، أو من أهل القصيم، أو من أي جهة، ومر على المدينة، وذهب إلى مكة يريد النسك؛ لا بد أن يحرم من ذي الحليفة؛ «ميقات المدينة»، وهكذا بقية المواقيت.

قوله رحمه الله: «وَمَنْ مَنْزِلُهُ دُوْنَ الْمِيْقَاتِ، فَمِيْقَاتُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ»، دون هذه المواقيت؛ أي: بين الميقات وبين مكة، فإنه يُحرم من منزله، ومن كان دون ذلك؛ فمهلُّه من مكانه، حتى أهل مكة من مكة؛ من مسكنه، من بيته، من بلده، ولا نقول: ارجع للميقات لا، بل يحرم من بيته، هذا من تيسير الله أيضًا على المسلمين.

قوله رحمه الله: «حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّوْنَ مِنْهَا لِحَجِّهِمْ، وَيُهِلُّوْنَ لِلْعُمْرَةِ مِنَ الْحِلِّ»، هذا في الحج.

أما في العمرة، فلا يُحرم بها من مكة؛ لا بد أن يخرج إلى الحِل، «يخرج إلى التنعيم»؛ لأن عائشة رضي الله عنها لما أرادت الإحرام بالعمرة، أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيها، فأحرمت من التنعيم ([2])، والتنعيم: أقرب حدود الحرم إلى مكة.


الشرح

([1]أخرجه: البخاري رقم (1524)، ومسلم رقم (1181).

([2]كما في الحديث الذي أخرجه: البخاري رقم (1762).