×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

قوله رحمه الله: «ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّفَا مِنْ بَابِهِ»، والصفا هو طرف جبل أبي قبيس، هذا هو الصفا والمروة هي طرف جبل قعيقعان الجبل المقابل، والسعي بينهما - بين الصفا والمروة - هذا السعي، قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ [البقرة: 158]؛ يعني: أن يسعى بينهما، بين الصفا والمروة، لكن لماذا قال الله: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ؟ هذا دفعًا لما صار عند الصحابة من الحرج؛ لأنه كان على الصفا صنم، يقال له: إيساف، وعلى المروة صنم آخر يقال له: نائلة، نصبه المشركون على الصفا والمروة، جعلوا على الكعبة ثلاثمائة وستين صنمًا، فكانت الأصنام مكللة للكعبة وللمسعى، وكلها هدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح الله عليه مكة، وكسرها، وأخرجها من البيت، أخرجها خارج المسجد، وأحرقها ([1])، فتأثم المسلمون أنهم كانوا يطوفون بين الصفات والمروة وكان عليهما أصنام، قالوا: كيف نطوف بين الصفات والمروة، وكان عليهما أصنام في الجاهلية؟! فالله نفى هذا، قال: ﴿إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ [البقرة: 158]؛ ولا يضر أنه عرض هذا الأذى وهذا القذر الذي جعلوه عليهما، فأزاله الله سبحانه وتعالى، ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ [البقرة: 158]؛ لا جناح الآن، ولا إثم، فالآية فيها كشف لهذه الشبهة: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ [البقرة: 158]؛ يعني: يسعى بينهما.

السنة أن يأتي الصفا من بابه؛ لأن هذا أسهل له، وإن أتاه من أي جهة، لا مانع.


الشرح

([1]كما في الحديث الذي أخرجه: مسلم رقم (969).