قرَن النحر مع الصلاة، فكما لا يصلى لغير الله، فلا يذبح لغير الله، وقال
في الآية الأخرى: ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي
وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦٢لَا شَرِيكَ
لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ١٦٣﴾ [الأنعام: 162،
163]، فقرن النسك، وهو «الذبح على وجه
التقرب»، قرنه مع الصلاة، وجعله لله خاصة، فلا يذبح لغيره، فمن ذبح لغير الله،
فقد أشرك الشرك الأكبر المُخرِج من الملة، ﴿قُلۡ إِنَّ
صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: 162]؛ كما في ﴿فَصَلِّ
لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ﴾ [الكوثر: 2]؛ فلا يجوز الذبح لغير الله؛ للجن لاتقاء
شرهم، أو للشياطين، أو للأصنام، أو لأي شيء، لا يذبح على وجه التقرب إلا لله
سبحانه وتعالى.
وفي السُّنة: عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْنَا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبِرْنَا بِشَيْءٍ أَسَرَّهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا أَسَرَّ إِلَيَّ شَيْئًا كَتَمَهُ النَّاسَ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا...» ([1])؛ أي: حماه من أن يقام عليه الحكم الشرعي، عليه الحد، حماه من أن يقام عليه الحد الشرعي، «من آوى محدِثًا»؛ يعني: في الدين، أو مخلًّا بالأمن قاطعًا للطريق، أو ما أشبه ذلك، أو من يجلب المخدرات إلى بلاد المسلمين، ويروجها، هذا محدث ومفسد في الأرض، فمن تستر عليه أو حماه، فهو ملعون، «لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ» ([2])، منار الأرض هو: المراسيم التي تكون بين الأملاك، حدود الأملاك بين الناس؛ لأنه إذا غيرها فإنه يظلم الناس بأخذ ممتلكاتهم لغيرهم.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1978).