والموت
والحياة ليسا عَبَثًا، فالله لم يخلق الخلق سُدًى ولا عَبَثًا، وإنما خلقهما لحكمة
عظيمة؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ﴾
أي: ليختبركم ويمتحنكم.
فالمطلوب
من الإنسان أن يعمل في طاعة الله وعبادة الله عز وجل، ما خلقه عَبَثًا ليأكل
ويشرب، ويسرح ويمرح في هذه الدنيا؛ وإنما خَلَقه ليعمل ويعبد ربه، وهذا لمصلحته هو
ليُقدِّم لآخرته عملاً صالحًا ليحيا به الحياة الدائمة بعد الموت.
وقال:
﴿لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ
أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ﴾، ولم يقل سبحانه وتعالى: «أيكم
أكثر عملاً»؛ لأن العبرة ليست بكثرة العمل، وإنما العبرة بحسن العمل.
ومتى
يكون العمل حسنًا؟
يكون
العمل حسنًا إذا توافر فيه شرطان:
الشرط
الأول: الإخلاص لله عز وجل، فلا يكون فيه شرك ولا رياء ولا
سمعة.
الشرط
الثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يكون فيه
بدعة ولا مُحْدَثات.
ولهذا
لما سُئِل الفُضَيْل بن عياض رحمه الله: ما معنى قوله سبحانه وتعالى: ﴿لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ
أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ﴾؟
قال: «أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ خَالِصًا ولَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا وَالْخَالِصُ إِذَا كَانَ لِلَّهِ وَالصَّوَابُ إِذَا كَانَ عَلَى السُّنَّةِ» ([1]).
([1])انظر: حِلْية الأولياء (8/ 95).