وليس من مصلحتنا أن نعلم متى يكون هذا، لكن من
مصلحتنا أن نعلم أنه سيكون بلا شك، فنستعد له، فبدلاً من أن يستعدوا وأن يتوبوا
وأن يستغفروا لهذا الوعد، صاروا يسألون: متى يقع؟
انظر
للتحدي والكبرياء - والعياذ بالله -، يقولون: إذا لم تخبرنا متى تقوم الساعة، فأنت
كذاب.
قال
الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡعِلۡمُ عِندَ ٱللَّهِ﴾:
هو الذي يَعلم متى تقع، فلا مصلحة لكم في ذلك، وإنما مصلحتكم الاستعداد والتوبة
والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى قبل أن يفوت الأوان؛ لأنه إذا وقع وعاينتموه، لا
يمكنكم الاستعداد، فليس من مصلحتكم أن يُبيَّن لكم متى يكون، وإنما من مصلحتكم أن
يُبيَّن لكم أنه سيكون لتستعدوا له.
ولهذا
قال: ﴿وَإِنَّمَآ أَنَا۠
نَذِيرٞ مُّبِينٞ﴾: والنذير لا يَلزمه أن يُبيِّن متى
يقع العذاب أو الوعيد، فليس مُطالَبًا بهذا، وهذا ليس من مهمته؛ لأن هذا من علم
الغيب الذي لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى.
﴿فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ﴾، أي: لما
رأى الكفار ما كانوا يَتحدَّوْن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقولون: متى موعده؟!
لما رأوه قريبًا منهم.
﴿سِيَٓٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾
أي: اسودت لتفريطها في الاستعداد له.
﴿وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ﴾ أي: تطالبون، وتسألون: متى يقع؟ ومتى يحصل؟ هذا هو الآن قد حصل، لكن الآن لا يمكنكم فعل شيء، لا تُقبل منكم توبة، ولا يُغفر لكم ذنب، فات الأوان ولا تؤجلون ساعة!!ثم قال الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ﴾: أيها الكفار ﴿إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا﴾: كما تَدْعُون علينا بالهلاك، وتتربصون بنا رَيْب