المَنون، وتترقبون بنا
العقوبة، ماذا ينفعكم لو أن الله سبحانه وتعالى أهلكني ومَن معي؟ لن ينفعكم هذا
شيئًا، وإنما الذي ينفعكم أن تعملوا لأنفسكم. ﴿فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ﴾.
﴿قُلۡ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ءَامَنَّا بِهِۦ﴾:
هذا هو ما يقوله المؤمنون، يقولون: ﴿قُلۡ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ءَامَنَّا بِهِۦ وَعَلَيۡهِ تَوَكَّلۡنَاۖ﴾:
يتوكلون على الله سبحانه وتعالى، يفوضون أمورهم إلى الله عز وجل، ويعملون الأعمال
الصالحة مع التوكل، يبذلون الأسباب مع التوكل، ولا يعتمدون على أعمالهم، بل
يقولون: ﴿وَعَلَيۡهِ
تَوَكَّلۡنَاۖ﴾.
﴿فَسَتَعۡلَمُونَ﴾ أيها الكفار إذا وقع الوعد
الحق ﴿مَنۡ هُوَ فِي
ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ﴾ نحن أم أنتم؟
لأنهم
كما ذَكَر الله سبحانه وتعالى عنهم في أول السورة، كانوا يقولون لرسل الله عز وجل:
﴿قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ
جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ
أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ﴾، فإذا جاء
الوعد، فستعلمون مَن هو الذي كان في ضلال مبين! نحن أم أنتم!!
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلۡ
أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ
مَّعِينِۢ﴾: الماء الذي تشربون، وتَسْقُون به الأشجار والنباتات،
وتنتفعون به منافع عظيمة، يَسَّره الله سبحانه وتعالى لكم من هذه الأرض، وسهله
لكم، لو أن الله غَوَّره في الأرض وذهب به، أو أبعد تناوله عنكم، فماذا يكون
حالكم؟!
فالله خزن هذا الماء في الأرض، وأمكنكم من استنباطه واستخراجه، وشربه وسقي الأشجار والدواب به، مكنكم من ذلك، لكنه سبحانه وتعالى قادر على أن يغوره ويبعده عنكم في أغوار الأرض، فلن تستطيعوا له طلبًا.