ثم قال
الله سبحانه وتعالى مخاطبًا الكفار: ﴿وَأَسِرُّواْ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُواْ بِهِۦٓۖ﴾، فكما أنه سبحانه وتعالى يَعلم ما خَفِي وما ظهر، فكذلك
هو يسمع سبحانه وتعالى ما ظهر من الأصوات وما خفي منها، حتى إنه لَيَعلم ما في
النفس وما في الصدر، ولا يَخفى عليه شيء، سبحانه وتعالى.
وقيل
في سبب نزول الآية: إنهم كانوا يَسُبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينالون منه
في مجالسهم، ويقولون: أَسِروا قولكم ولا تجهروا؛ كي لا يسمعكم الناس!!
﴿إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾:
عليم بما في الصدور، فكيف بالذي يتلفظ به؟!
فهو
سبحانه وتعالى يَعلم ما في صدرك وما في نفسك وإن لم تتكلم، فهذا يوجب الخوف
والخَشية والمراقبة.
ثم
ذَكَر سبحانه وتعالى أدلة برهانية قرآنية وعقلية، يَرُد بها على الكفار والمشركين،
فقال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَا
يَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ﴾، فالله عز وجل يعلم خلقه، وما في
صدورهم وما في قلوبهم؛ لأنه هو سبحانه وتعالى الذي خلقهم.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ
ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ﴾، فهو يَعلم السر وأخفى.
و﴿ٱللَّطِيفُ﴾: هو الشيء الخفي الذي لا يُرَى.
فالله
سبحانه وتعالى لطيف، بمعنى أنه لا يخفى عليه شيء مهما كان في هذا الكون، سواء كان
ظاهرًا أو خفيًّا، وسواء كان واضحًا للناس أو غير واضح، فإنه بلطفه سبحانه وتعالى
يدرك هذه الأشياء.
ومن معاني ﴿ٱللَّطِيفُ﴾: الرءوف بعباده، الذي يلطف بهم ويرحمهم.