والكافر
الذي لم يلتفت إلى هذه الآيات وهذه البراهين، فهو مِثل المكب على وجهه، أي:
المنحني على وجهه، فلا يبصر ما أمامه، ولا ما عن يمينه ولا ما عن شماله، ومن
الممكن أن يسقط في الحفر، أو يقع في النار، وهو لا يرى ما أمامه؛ لأنه منحنٍ ورأسه
إلى أسفل.
هل
هذا ﴿أَهۡدَىٰٓ أَمَّن
يَمۡشِي سَوِيًّا﴾: أي: يمشي مستقيمًا، معتدل القامة،
يرى ما أمامه، وما عن يمينه وما عن شماله، فيبصر الطريق ويتجنب المخاطر والحُفَر
والمهالك، فهو يمشي على طريق واضح وعلى الوحي المنزل والرسول المرسل.
أيهما
أهدى؟ هل المكب على وجهه؟ أو السوي المستقيم القامة المعتدل، الذي يمشي باعتدال،
وهو﴿عَلَىٰ صِرَٰطٖ
مُّسۡتَقِيمٖ﴾ أي: على طريق مستقيم معتدل، وليس فيه التواءات، وهو
صراط الله سبحانه وتعالى ؟ قال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن
سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾
[الأنعام: 153].
ثم
قال الله سبحانه وتعالى مخاطبًا البشرية: ﴿قُلۡ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُمۡ﴾:
أوجدكم من العدم، هل أحد خلقكم غير الله سبحانه وتعالى ؟
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ هَلۡ
مِنۡ خَٰلِقٍ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَآ
إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ﴾
[فاطر: 3]، لا أحد، ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه خَلَق أبدًا! مع عناد المشركين
والكفار والملاحدة، ما أحد ادعى أنه خلق شيئًا من هذا الكون، لا جَبَلاً لا بحرًا
ولا أرضًا.
﴿وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفِۡٔدَةَۚ﴾، وهذه الأعضاء الثلاثة هي أشرف ما في الجسم: