×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

و﴿مَآ نافية، وهي من أخوات «ليس»، ترفع الاسم وتنصب الخبر، ﴿أَنتَ اسمها، ﴿بِمَجۡنُونٖ خبرها، والباء للتأكيد.

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا: هذا في الآخرة. لما ذَكَر حالته في الدنيا، وهي حالة الكمال والعقل والخُلُق، والثبات والعلم؛ ذَكَر ما له في الآخرة عند الله سبحانه وتعالى، أن له صلى الله عليه وسلم أجرًا على ما قام به وعلى ما صبر، وعلى ما بَلَّغ، له الأجر العظيم في ذلك، وعلى ما جاهد في سبيل الله، وعلى ما ناله من الأذى.

﴿غَيۡرَ مَمۡنُونٖ أي: غير منقطع، بل هو أجر متصل دائم، لا ينقطع.

وقيل: ﴿غَيۡرَ مَمۡنُونٖ أي: غير محسوب، فله صلى الله عليه وسلم أجر عند الله سبحانه وتعالى بغير حساب.

فهذا فيه تطمين للنبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيت له صلى الله عليه وسلم؛ لأنه في موقف حرج مع المشركين، فهو بشر واحد يصارع البشرية كلها.

ثم إنه سبحانه وتعالى رد على المشركين وَصْفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه مجنون، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ: هذا من أوصافه صلى الله عليه وسلم، أنه يتصف بالخلق العظيم الذي يتحمل به أذى الناس، ويقابلهم بالإحسان، ويُحْسِن إلى من أساء إليه، ويعفو عمن أخطأ في حقه، ولا ينتقم لنفسه صلى الله عليه وسلم أبدًا. هذا رَدٌّ على المشركين.

﴿لَعَلَىٰ خُلُقٍ: قيل: والمراد بهذا الخُلُق: القرآن، ولقد سُئِلَت عائشة رضي الله عنها عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت رضي الله عنها: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ» ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (746).