هذه
الأمور منتفية عنهم، فليس لهم عذر عند الله سبحانه وتعالى، ولم يَبْقَ إلاَّ
العناد والتكبر على طاعة الله سبحانه وتعالى.
ثم
إن الله سبحانه وتعالى وَجَّه نبيه صلى الله عليه وسلم إلى أن يصبر على ما يلاقيه
منهم؛ لأن الفرج قريب والعاقبة له، فقال سبحانه وتعالى: ﴿فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ﴾. وقال
سبحانه وتعالى: ﴿فَٱصۡبِرۡ
عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ
وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ
ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ﴾ [طه: 130].
وهذا
قبل أن يُؤمر بالجهاد، فهو صلى الله عليه وسلم في مكة كان مأمورًا بتبليغ الرسالة
فقط والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يُؤمر بالجهاد إلاَّ بعد الهجرة.
﴿وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ ٱلۡحُوتِ﴾:
وهو نبي الله يونس عليه السلام، وهو يونس بن مَتَّى عليه السلام.
فإنه
لما دعا قومه وآذوه ولم يستجيبوا له، ولم تَنزل عليهم عقوبة؛ غَضِب ولم يصبر، ففر
ورَكِب في السفينة، ولما رَكِب ثقلت بهم، وكادوا أن يغرقوا، فقالوا: معنا مذنب،
ولا ندري مَن هو! فقرعوا قرعة، فخرجت القرعة على نبي الله يونس عليه السلام،
فأَلْقَوْه في البحر لتخف السفينة.
ولما
أَلْقَوْه التقمه الحوت؛ ابتلاءً وامتحانًا من الله سبحانه وتعالى،﴿وَهُوَ مُلِيمٞ﴾
[الصافات: 142] أي: مذنب.
ولما التقمه الحوت أصابه الغم في بطن الحوت، فلجأ إلى الله سبحانه وتعالى واعترف بذنبه، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَٰضِبٗا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَيۡهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَٰنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87].