×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

وقد استمر نبي الله نوح عليه السلام في دعوتهم، وما تَرَك مجالاً من مجالات التلطف بهم ودعوتهم إلاَّ سلكه عليه السلام، ولَبِث فيهم ألف سنة إلاَّ خمسين عامًا يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى.

فلما أخبره الله سبحانه وتعالى أنه لن يؤمن من قومه إلاَّ مَن قد آمن، وما آمن معه إلاَّ قليل، عند ذلك دعا عليهم، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا ٢٦ إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا[نوح: 26- 27].

وأَمَره الله سبحانه وتعالى بصناعة السفينة من الخشب والألواح، وعَلَّمه الله عز وجل صناعتها، فصَنَعها عليه السلام بأمر الله سبحانه وتعالى.

فلما جاء وعد الله عز وجل بهلاكهم، أَمَر سبحانه وتعالى السماء فأمطرت، وأَمَر الأرض فنبعت! فالأرض من تحتهم تفور، والسماء من فوقهم تَهْطِل بالمطر!!

قال سبحانه وتعالى: ﴿فَفَتَحۡنَآ أَبۡوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٖ مُّنۡهَمِرٖ ١١ وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونٗا فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَآءُ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ قَدۡ قُدِرَ [القمر: 11- 12]، حتى علا الماء فوق الجبال.

عند ذلك أَمَر الله سبحانه وتعالى رسوله نوحًا عليه السلام - أن يركب السفينة، وأن يَحمل معه من كل زوجين اثنين؛ لأجل بقاء النسل، فرَكِب السفينة وحَمَل مَن أَمَره الله عز وجل بحَمْلهم، ﴿۞وَقَالَ ٱرۡكَبُواْ فِيهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡرٜىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ ٤١ وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ [هود: 41- 42].

فهلكوا عن آخرهم، ولم يَنْجُ إلاَّ نوح عليه السلام ومَن معه في السفينة.

ثم لما هلكوا، أَمَر الله سبحانه وتعالى الأرض فبلعت ماءها، وأَمَر السماء فتوقفت عن المطر، فذهب الماء واستوت السفينة، أي: رست على الجُودِيّ، وهو جبل في أرض العراق يقال له: الجُودِيّ.


الشرح