﴿إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَٰقٍ حِسَابِيَهۡ﴾،
فحاسبت نفسي في الدنيا واستعددت لهذا اليوم، فهذا الذي حصل لي إنما هو بسبب أني
كنت في الدنيا متيقنًا من البعث والنشور والجزاء والحساب، فأصلحت أعمالي، فتبتُ من
الذنوب والمعاصي، فهذه هي العاقبة الحميدة.
قال
الله سبحانه وتعالى مبينًا عاقبته: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٖ رَّاضِيَةٖ﴾
أي: مَرضية، يَرضى بها ويَفرح بها ويُسَر.
﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٖ﴾ مرتفعة في قصورها وبيوتها
وأشجارها.
وهم
درجات، فأهل الجنة درجات بعضها فوق بعض، وقد ثَبَت في الصحيحين عن أبي سعيد
الخُدْري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي
الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ» ([1]).
فالجنة
درجات حَسَب أعمال أهلها، بعضها فوق بعض، ولا أحد يشعر بالنقص، كُلٌّ مسرور بما هو
فيه ولا يَطلب مزيدًا؛ لأنه في عيشة راضية، كُلٌّ راضٍ بما هو فيه ولا يَنظر إلى
الآخَرين، ولا يكون هناك مشاحنات أو شيء من الحزازات، أو من الهم أو من الغم، بل
كُلٌّ راضٍ بما هو فيه.
بخلاف
النار - والعياذ بالله -، فإنها دَرَكات، كل دَرْك تحت الآخَر، والمنافقون في
الدَّرْك الأسفل من النار، والعياذ بالله.
﴿قُطُوفُهَا﴾ أي: ثمارها، جمع قِطف، وهو ما
يُقطف من الثمار.
﴿دَانِيَةٞ﴾ أي: قريبة منهم، لا يحتاجون إلى أن يصعدوا. بل إذا أراد أحدهم شيئًا، تدلى عليهم القِطف فأَخَذه وهو جالس على أريكته.
([1])أخرجه: البخاري رقم (2790).