﴿وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾
[يوسف: 18]، وفي الآية الأخرى، ﴿قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ﴾ [يوسف: 83].
و
«الهجر الجميل»: هو الذي لا أذية معه؛ كما قال تعالى: ﴿وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا﴾
[المزمل: 10].
وقوله
سبحانه وتعالى: ﴿فَٱصۡبِرۡ
صَبۡرٗا جَمِيلًا﴾: هذا يومَ أن كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم في مكة طيلة ثلاث عَشْرة سنة، فهو صلى الله عليه وسلم يكابد من
أذاهم ويصبر.
فلما
هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ووجد الأنصار ووجد الدار، ووجد العزة والمنعة؛
أَمَره الله سبحانه وتعالى بجهاد الكفار.
قال
سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّهُمۡ
يَرَوۡنَهُۥ بَعِيدٗا﴾: يرون هذا الذي تذكره لهم من
العذاب بعيدًا ومستحيلاً ومُتَعَذِّرًا وأنه لن يقع، يرونه بعيد الوقوع ومستحيلاً.
﴿وَنَرَىٰهُ قَرِيبٗا﴾: والله يراه قريب الوقوع. أو
﴿وَنَرَىٰهُ قَرِيبٗا﴾:
يراد به المؤمنون، يرونه قريبًا؛ لأنهم يُصَدِّقون به وأنه قريب الوقوع، فكل ما
آتٍ فهو قريب.
فالذي
سَبَّب لهم هذا التحدي وهذا الاستهزاء - هو أنهم يرون ما يقوله الرسول صلى الله
عليه وسلم مستحيل الوقوع وأنه كذاب.
ثم بَيَّن الله سبحانه وتعالى متى يكون هذا، فقال سبحانه وتعالى: ﴿يَوۡمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلۡمُهۡلِ ٨ وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ﴾: حان وقت الانتقال إلى الآخرة، سُيِّرت الجبال فصارت هباء منبثًّا، سُيِّرت الجبال الصُّلبة القوية فصارت تمر مر السحاب، كأنها دُخَان، تذوب من شدة الهول. والسماء تكون كالمُهْل وهو الفضة المذابة. والجبال تكون كالعهن هو الصوف المنفوش، تتطاير هباء وتصير كالصوف المنفوش.