×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

ولكن العقيدة لا يُعتمد فيها على الظن، لا بد فيها من اليقين؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡ‍ًٔاۚ [يونس: 36].

قالوا: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا: كان الجن في الجاهلية مسيطرين على الإنس، والإنس يخافون منهم، ويستجيرون بهم ويستعيذون بهم، فإذا نزلوا في البَر فإنهم يقولون: «نعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه!».

﴿فَزَادُوهُمۡ أي: زاد الجنُّ الإنسَ ﴿رَهَقٗا أي: خوفًا، فصار الإنس يخافون من الجن ويرهبونهم غاية الرَّهَب؛ لأنهم لما خافوهم في الأول وقع الرعب في قلوبهم، فلم تَزدهم الاستعاذة بهم إلاَّ خوفًا ورَهَقًا.

وقيل: المعنى: زاد الإنسُ الجنَّ ﴿رَهَقٗا أي: عظمة وتكبرًا.

كل مِن الفريقين زاد الآخَر: هؤلاء زادوا الجن إعجابًا وتسلطًا وتكبرًا. والجن زادوا الإنس خوفًا ورَهَبًا ([1]).

كما في الآية الأخرى: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۗ [الأنعام: 128].

والاستعاذة لا تكون إلاَّ بالله عز وجل وحده؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلاً يقول: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» ([2]).


الشرح

([1])انظر: تفسير الطبري (29/ 109)، والقرطبي (19/10)، وابن كثير (4/ 429).

([2])أخرجه: مسلم رقم (2708).