وعَلَّم صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقولوا
ذلك، بدلاً مما كانوا في الجاهلية يقولونه. فالله سبحانه وتعالى شَرَع للمسلمين أن
يعوذوا به وبكلماته القرآنية وكلماته القَدَرية.
ثم
قالوا: ﴿وَأَنَّهُمۡ
ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا﴾ أي: أنهم تواطئوا على الكفر بالبعث. يقولون: كيف إذا صار
الميت ترابًا ورميمًا وعظامًا، يعود إلى الحياة من جديد؟! هذا محال عندهم، ونَسُوا
أن الله جل جلاله خَلَقهم من العدم وأوجدهم من العدم، فالذي أوجدهم أول مرة قادر
على أن يعيدهم مرة ثانية، وهو سبحانه وتعالى قادر على كل شيء.
ثم
قالوا: ﴿وَأَنَّا
لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا﴾
أي: طلبنا خبرها؛ كما جَرَتْ عادتنا في الجاهلية. يَصِلون إلى السماء الدنيا
ويقعدون منها مقاعد للسمع، يستمعون كلام الملائكة، فيأتون به إلى الكهان. فلما
بُعِث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حُرِست السماء بالشهب، وبالرصد وهم
الملائكة، فلم يتمكنوا مما كانوا يتمكنون منه في الجاهلية.
ثم
قالوا: ﴿وَأَنَّا
كُنَّا﴾ أي: في الجاهلية، ﴿نَقۡعُدُ مِنۡهَا﴾ أي: من السماء، أي: لاستراق السمع،
﴿فَمَن يَسۡتَمِعِ ٱلۡأٓنَ﴾
أي: وقت بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ﴿يَجِدۡ لَهُۥ شِهَابٗا رَّصَدٗا﴾:
يجد له شهابًا ويجد له رصدًا، الشهاب هو النار أو الشظية التي تنطلق من الكوكب.
والرصد: هم الملائكة.
ثم قالوا: ﴿وَأَنَّا لَا نَدۡرِيٓ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدٗا﴾، يقولون: هذا الأمر ليس عبثًا، هذا له نتيجة، وهي إما أن الله سبحانه وتعالى أراد إهلاك أهل الأرض كما أهلك الأمم السابقة. وإما أن الله