×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

 أراد بهم رَشَدًا - أي: خيرًا - فلا تذهب هذه الظاهرة عَبَثًا!!

وانظروا إلى أدبهم مع الله؛ حيث قالوا: ﴿وَأَنَّا لَا نَدۡرِيٓ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدٗا: ﴿أُرِيدَ، ما قالوا: «أراده الله»، وإن كان الله سبحانه وتعالى أراده. ولكن من باب حُسْن الأدب مع الله عز وجل، والله لا يأتي منه إلاَّ الخير، وإنما الشر بالنسبة للمخلوقين، وأما الله سبحانه وتعالى فكل ما يأتي منه سبحانه وتعالى فهو خير؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» ([1]).

فلا يوصف ما يأتي من الله جل جلاله بأنه شر، بل إن كان عقوبة فإنه عَدْل، والعدل خير، ليس ظلمًا، فكل ما يأتي من الله خير؛ لأنه إما فَضْل وإما عَدْل، إما فَضْل من الله سبحانه وتعالى وهو الخير، وإما عَدْل وهو العقوبة.

الحاصل: أن هذه بداية إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم ومقدماتها، وأن القرآن محروس ومحفوظ وقت نزوله وفي وقت بقائه في الأرض، إلى أن يرفعه الله سبحانه وتعالى في آخر الزمان، وهو محفوظ ولا يتطرق إليه نقص أو زيادة، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ ٤١ لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ [فصلت: 41- 42].

ودلت هذه الآيات على أن بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة للجن والإنس، وأنه مبعوث للثَّقَلين: الإنس والجن، فلا يسع إنسي أهل الأرض جميعًا إلاَّ إتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه ببعثته صلى الله عليه وسلم نُسِخت الشرائع السابقة، واستقرت الشريعة الإسلامية إلى أن تقوم الساعة.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (771).