هنا انتهى كلام الجن الذي ذكره الله سبحانه
وتعالى عنهم، وجاء كلام جديد.
قال
سبحانه وتعالى: ﴿وَأَلَّوِ
ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً غَدَقٗا﴾.
فقوله:
﴿وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَٰمُواْ﴾:
«أَنْ» مخففة من الثقيلة، والأصل «وأنهم لو استقاموا»، وهذا معطوف على قوله: ﴿قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ﴾
[الجن: 1] في أول السورة، أي: «أوحي إلي أنه لو استقاموا»، أيضًا: أنهم لو﴿ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى
ٱلطَّرِيقَةِ﴾ أي: الإسلام والصلاح ﴿لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً﴾ أي: مطرًا
مباركًا يُنبت لهم النباتات، ويوفر لهم المياه والخيرات.
ومعنى
﴿غَدَقٗا﴾
أي: مباركًا بسبب الطاعة والاستقامة على الطريق. وإنما تُحْبَس الأمطار بسبب أعمال
بني آدم، إما لحبس الزكاة أو غير ذلك.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿لِّنَفۡتِنَهُمۡ
فِيهِۚ﴾: فالنعمة فتنة وامتحان وابتلاء من الله سبحانه وتعالى:
فإن
استمروا على الطاعة وشكروا الله عز وجل، زادهم الله سبحانه وتعالى، قال سبحانه
وتعالى: ﴿وَإِذۡ
تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ
عَذَابِي لَشَدِيدٞ﴾ [إبراهيم:
7].
وأما
إذا كفروا النعمة، فإن الله عز وجل يعاقبهم بزوال هذه النعمة ويعذبهم.
المعنى الثاني للآية:﴿لِّنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ﴾ أي: طريقة الكفر، أي: لو استمر الكفار على كفرهم، فإن الله سبحانه وتعالى يستدرجهم وينعم عليهم، ثم يأخذهم سبحانه وتعالى على غِرة، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ﴾ [الأنعام: 44] آيسون قانطون من رحمة الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى يستدرج بالنعم فينعم على الكفار.