الله
صلى الله عليه وسلم في مكة يدعو إلى الله سبحانه وتعالى، ويقرأ القرآن ويصلي، كاد
المشركون يكونون عليه لِبَدًا؛ استنكارًا لما يقوم به وهددوه، وتوعدوه لئلا يَخرج
عما هم عليه من الشرك وعبادة الأوثان.
قال
الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ إِنَّمَآ أَدۡعُواْ رَبِّي﴾
أي: لا أدعو غيره. بخلاف المشركين والوثنيين الذين يعبدون غير الله ويدعون غير
الله سبحانه وتعالى.
﴿وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗا﴾:
في دعائه وعبادته.
وكلمة
﴿أَحَدٗا﴾
نكرة في سياق النفي، فتعم كل أحد من دون الله عز وجل، لا الملائكة، ولا الرسل، ولا
الأولياء والصالحين، ولا الجن، ولا الإنس! فلا يُدْعَى مع الله أحد كائنًا مَن
كان؛ وذلك لأن العبادة حق لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، وهذا ما جاءت به
الرسل، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ
أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾
[الأنبياء: 25].
﴿قُلۡ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا﴾:
هذا مِن البلاغ. وهذا فيه رَدٌّ على الذين يَغْلُون ويعتقدون في أن الرسول صلى
الله عليه وسلم ينفع ويضر، ويملك ما يُطلب منه من أمور الدنيا والآخرة، هذا هو
الشرك بالله سبحانه وتعالى.
فإذا
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك لأحد ضَرًّا ولا رَشَدًا، فكيف يكون
الأمر مع غيره؟! فالضر والنفع، والمنع والعطاء - كله بيد الله سبحانه وتعالى.
والذي
يقول:
يَا
أَكْرَمَ الخَلْقِ مَا لِي مَنْ أَلُوذُ بِهِ*** سِوَاكَ
عِنْدَ حُلُولِ الحَادِثِ العَمَمِ
نَسِي
الله سبحانه وتعالى في وقت الشدة والكَرْب.
حتى إن المشركين إذا وقعوا في الشدة، أخلصوا الدعاء لله سبحانه وتعالى،