×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

﴿حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا: حينذاك، إذا جاءهم ما يوعدون من الهلاك ومن العذاب، فإنه لا منجاة لهم من ذلك، ولا تنفعهم التوبة لأنه عند نزول العذاب لا تنفع التوبة.

ثم قال: ﴿قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ كل الآيات صُدرت بقوله تعالى: ﴿قُلۡ، لأنها أوامر من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم.

﴿قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ أي: ما أدري، ﴿إِنۡ بمعنى: «ما»، أي: ما أدري:

﴿قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٞ مَّا تُوعَدُونَ، لما هددهم بالعذاب، قالوا: متى هذا؟! يتحدَّوْن رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى تقوم الساعة؟! متى يأتينا العذاب؟! والرسول صلى الله عليه وسلم لا يَعلم ذلك؛ لأن مهمته البلاغ، وأما أنه صلى الله عليه وسلم يُحدِّد الوقت الذي يحصل فيه العذاب أو قيام الساعة، فإن هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى، وليس من واجب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحدد لهم الوقت، بل إن واجب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُبلِّغهم ويُحذِّرهم من العذاب، وأما وقته فإن هذا إلى الله سبحانه وتعالى.

فالغيب لله عز وجل، ومن ذلك وقت حلول العذاب وقيام الساعة، هذا لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى، وليس من صالح البشر أن يُخْبَروا بوقت قيام الساعة، إنما الذي من صالحهم أن يُنْذَروا مِن العذاب ويُؤْمَروا بالطاعة. هذا الذي من صالحهم، وهذا الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيرًا ونذيرًا. وأما علم الغيب، فإنه عند الله سبحانه وتعالى، ﴿قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ [النمل: 65].

فمَن ادعى علم الغيب فإنه كافر؛ كمن ادعى علم الغيب من الكهان والطواغيت والسَّحَرة فإنه كافر؛ لأنه جعل نفسه شريكًا لله عز وجل فيما هو من خصائص الله سبحانه وتعالى.


الشرح