بالمعروف والنهي عن المنكر - فإن هذا إنما يجاري
الناس، ولا يصبر ولا يستمر فيما أمره سبحانه وتعالى به.
فالمؤمن
يحتاج إلى صبر دائمًا، يحتاج إلى صبر على المصائب، يحتاج إلى صبر على أذى الناس،
يحتاج إلى صبر على تعب العبادة والجهاد، فالذي ليس له صبر، لا يستمر، بل ينقطع في
أول الطريق. فالصبر هو الذي يَحمل المسلم على الاستمرار في فعل الخير، قال سبحانه
وتعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا
مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بَِٔايَٰتِنَا
يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 24].
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فَالصَّبْرُ وَالْيَقِينُ بِهِمَا تُنَالُ
الإِْمَامَةُ فِي الدِّينِ» ([1])،
أخذًا من الآية.
فكُلٌّ
يحتاج إلى الصبر، حتى الكفار، يتواصون فيما بينهم بأن يصبروا على آلهتهم، وهم على
باطل، يقولون: ﴿أَنِ
ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ﴾ [ص: 6].
فالمؤمن
من باب أَوْلى يصبر على الحق وما يناله، فهو في سبيل الله سبحانه وتعالى ومحسوب في
حسناته، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾
[العصر: 3]؛ لأن الذي يوصي بالحق، ويأمر بالمعروف ويَنْهَى عن المنكر، ويدعو إلى
الله سبحانه وتعالى - فإنه بالتأكيد سيؤذى، فيحتاج إلى صبر.
قال
لقمان لابنه: ﴿يَٰبُنَيَّ
أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ
عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾
[لقمان: 17].
﴿وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا﴾: الهَجْر الجميل: هو الذي لا أذية معه، فلا تؤذهم، اصبر عليهم ولا تؤذهم.
([1])انظر: مجموع الفتاوى (3/ 358).