فالمُرْجِئة سَلَبوا العبد مشيئته وجعلوه
مجبرًا.
والقَدَرية
نَفَوْا مشيئة الله سبحانه وتعالى، وجعلوا العبد يخلق فعل نفسه، فغَلَوْا في إثبات
المشيئة للعبد، وجعلوه مستقلًّا، لا يرتبط بالقضاء والقدر!!
فكل
من الطائفتين ضال منحرف في هذا الأمر.
ثم
إنه سبحانه وتعالى عاد إلى ما ذَكَر في أول السورة، من قوله: ﴿قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا
قَلِيلٗا﴾ [المزمل: 2].
وقد
امتثل الرسول صلى الله عليه وسلم لأمر ربه سبحانه وتعالى، فكان صلى الله عليه وسلم
يقوم الليل حتى تتفطر قدماه من طول القيام، ممتثلاً أمر ربه عز وجل. وقام معه
أصحابه يقتدون به صلى الله عليه وسلم، حتى تعبت أقدامهم من قيام الليل.
فخَفَّف
الله عنه وعنهم في آخر السورة، فنَسَخ ما كان في أولها نَسْخ تخفيف، فقال: ﴿۞إِنَّ رَبَّكَ يَعۡلَمُ
أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ
وَطَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَۚ﴾.
ثم
قال سبحانه وتعالى:﴿وَٱللَّهُ
يُقَدِّرُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ﴾ أي: أن الله سبحانه وتعالى جعل
الليل له مقادير والنهار له مقادير، ويختلف ذلك باختلاف فصول السنة، فتارة يطول
الليل ويقصر النهار، وتارة يطول النهار ويقصر الليل.
فالرسول
صلى الله عليه وسلم وأصحابه شق عليهم تقدير النصف والثلثين والثلث؛ لأن الليل
يختلف باختلاف فصول السنة، فالله سبحانه وتعالى خفف ذلك عنهم، فقال: ﴿عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ﴾،
فوَسَّع عليهم، وأَمَرهم سبحانه وتعالى أن يقوموا ما تيسر من الليل بدون تقدير،
فمنهم مَن يُكثر، ومنهم مَن يُقل، ومنهم مَن يتوسط. فالله خفف عنهم.
وقال: ﴿فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ﴾: مما يحصل منكم من الإخلال في ثلثي الليل ونصفه وثلثه.