×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

 وقال: «قَدْ سَمِعْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ آنِفًا كَلاَمًا مَا هُوَ مِنْ كَلاَمِ الإِنْسِ وَلاَ مِنْ كَلاَمِ الجِنِّ، وَإِنَّ لَهُ لَحَلاَوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلاَوَةً، وَإِنَّ أَعْلاَهُ لَمُثْمِرٌ، وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ، وَإِنَّهُ يَعْلُو وَمَا يُعْلَى» ([1]). وقال: «إنه ليس بالسحر، ولا بالكهانة»، ثم إنه انتكس لما قال له قومه: «صَبَأْتَ!» أي: تركتَ دينك؟! عند ذلك انتكس، وصار يذم القرآن بعد أن كان يمدحه.

فلذلك قال الله عنه: ﴿إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ: فَكَّر في القرآن، ماذا يقول فيه؟ وتحير، ماذا يقول فيه؟ مع أنه رجل عنده خبرة بالكلام، وخبرة بالشعر، وخبرة بالسحر؟ فإذا عَرَض القرآن على هذه الأمور وَجَد أنه مخالف لها! فَكَّر وقَدَّر ماذا يقول للناس إذا سألوه عن القرآن؟ لأنه كان مرجعًا لقريش، يأخذون برأيه وبقوله.

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَقُتِلَ أي: لُعِن، ﴿كَيۡفَ قَدَّرَ: تعجيب من شأنه.

قال: ﴿ثُمَّ نَظَرَ أي: نَظَر في شأن القرآن وتأمل فيه، ماذا يقول؟

﴿ثُمَّ عَبَسَ بوجهه واكفهر بوجهه، ﴿وَبَسَرَ، قَطَّب ما بين عينيه.

﴿ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَرَ: أدبر عن تأمل القرآن، وذهب إلى أهله، واستكبر عن اتباع القرآن وعن قول الحق فيه، وهو يعلم بأن القرآن ليس بسحر، ليس بشعر، ليس بكهانة، ليس بأساطير الأولين، ليس من كلام البشر.

﴿فَقَالَ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ يُؤۡثَرُ، ﴿إِنۡ هَٰذَآ أي: القرآن، ﴿إِلَّا سِحۡرٞ يُؤۡثَرُ عن بعض الأولين! وبينما في البداية كان يقول: لا يمكن هذا، جربت السحر فما هو بسحر، ثم قال: ﴿إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ أي أن محمدًا صلى الله عليه وسلم قاله من عنده، وليس من كلام الله عز وجل فالرسول صلى الله عليه وسلم افتراه


الشرح

([1])أخرجه: البيهقي في «الشعب» رقم (133).