×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

﴿وَمَا هِيَ أي: النار، ﴿إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡبَشَرِ: تذكير للبشر؛ ليؤمنوا ويتقوا هذه النار.

﴿كَلَّا وَٱلۡقَمَرِ أي: ليس الأمر كما قالوا وكما زعموا في الملائكة. ثم أقسم الله سبحانه وتعالى على ذلك بالقمر، وهو آية من آياته، فالله عز وجل يُقْسِم بما شاء من خلقه، ولا يقسم بشيء إلاَّ فيه سر عظيم وفيه أَمْر يقتضي أن يُقْسِم الله سبحانه وتعالى به. فهو سبحانه وتعالى لا يُقْسِم إلاَّ بشيء فيه عبرة وفيه سر عظيم من أسراره سبحانه وتعالى. ومن ذلك القمر، فهذا القمر يضيء الكون كله، والشمس أعظم منه، فالشمس سراج والقمر ضياء، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ [فصلت: 37] فأقسم الله سبحانه وتعالى بالقمر الذي يضيء الكون إذا ظهر ويسير عليه المسافرون، وله منافع في الثمار والنباتات ما يعلمها إلاَّ الله سبحانه وتعالى، وهو في السماء الدنيا، فهو أقرب شيء إلى الأرض.

﴿وَٱلَّيۡلِ إِذۡ أَدۡبَرَ ٣٣ وَٱلصُّبۡحِ إِذَآ أَسۡفَرَ ثم أقسم الله عز وجل بالليل إذ أدبر، والنهار إذا أسفر، وهذه من آيات الله سبحانه وتعالى.

فأقسم بثلاثة أشياء: بالقمر، وبالليل حين إدباره وانتهائه، وبالنهار حين إقباله وإسفاره؛ لأن هذه الثلاثة من أعظم آياته.

فهو سبحانه يُقْسِم بما شاء من خلقه. وأما المخلوق فلا يُقْسِم إلاَّ بالله، ولقد جاء في حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ، إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، وَإِلاَّ فَلْيَصْمُتْ» ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6108)، ومسلم رقم (1646).