ثم ذَكَر الأدلة سبحانه وتعالى على يوم الفصل،
فقال: ﴿أَلَمۡ نُهۡلِكِ
ٱلۡأَوَّلِينَ﴾ أي: الأمم السابقة من قوم نوح وعاد وثمود، وقوم إبراهيم
والمؤتفكات وأصحاب مدين؟ أين هم؟ آثارهم باقية، وديارهم باقية، قال سبحانه وتعالى:
﴿فَتِلۡكَ بُيُوتُهُمۡ
خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُوٓاْۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ﴾ [النمل: 52]، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن
قَرۡيَةِۢ بَطِرَتۡ مَعِيشَتَهَاۖ فَتِلۡكَ مَسَٰكِنُهُمۡ لَمۡ تُسۡكَن مِّنۢ
بَعۡدِهِمۡ إِلَّا قَلِيلٗاۖ وَكُنَّا نَحۡنُ ٱلۡوَٰرِثِينَ﴾
[القصص: 58]، وهم أهلكهم الله سبحانه وتعالى.
﴿ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ﴾
أي: مَن عَمِل مثل عملهم، وكَذَّب الرسل مِن آخِر الأمم. يَعتبر بهذا، هم كَذَّبوا
وتمردوا، وعَصَوْا وعَتَوْا، لكن هل تَحَصَّنوا من الله سبحانه وتعالى ؟
﴿كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِينَ﴾:
أي: مِثل ما فعلنا بالأولين نفعل بالمجرمين. فكل مجرم عَمِل عملهم فلابد أن يَلحق
بهم، ولا يبقى إلاَّ وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
﴿وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ﴾ أي: ويل في هذا اليوم، ﴿وَيۡلٞ﴾:
و«الويل»: كلمة عذاب وتهديد. وقيل: وادٍ في جهنم، لو سُيِّرت فيه جبال الدنيا،
لذابت من شدة حره.
ثم
ذَكَر سبحانه وتعالى دليلاً آخر، فقال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمۡ نَخۡلُقكُّم مِّن مَّآءٖ مَّهِينٖ﴾:
هنا احتج الله سبحانه وتعالى ببداءة الخلق على الإعادة، فالذي قَدَر على البداءة
والإنشاء من العدم قادر على أن يعيد هؤلاء إلى حياة أخرى.
ومن الأدلة على ذلك: بَدْء الخلق، قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [العنكبوت: 20].