﴿وَفَوَٰكِهَ
مِمَّا يَشۡتَهُونَ﴾: من فواكه الجنة يأكلون منها. لما ذَكَر الله
سبحانه وتعالى شرابهم، ذَكَر طعامهم. وهذه الفواكه لا يعلمها إلاَّ الله سبحانه
وتعالى، يجدون لها شهوة ولذة، ليس فيهم مرض وليس فيهم هَمّ ولا خوف، فهم يتلذذون
بهذه الفواكه.
ويقال
لهم: ﴿كُلُواْ
وَٱشۡرَبُواْ﴾: وتكرم عليهم، وليس فيه مِنة ولا ثمن. ﴿هَنِيَٓٔۢا﴾:
لا يعقبه مرض ولا يعقبه ألم مثلما في الدنيا، في الدنيا إذا أكلتَ الطعام اللذيذ
والطعام الطيب، ربما تصاب بسببها بمرض عضال على إثرها. أما أهل الجنة، فإنهم
يأكلون ولا يتأثرون بشيء. ﴿بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ في الدنيا
من الأعمال الصالحة.
ثم
قال جل جلاله: ﴿إِنَّا
كَذَٰلِكَ نَجۡزِي﴾ أي: مثل هذا الجزاء الطيب، ﴿ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾:
الذين أحسنوا العمل وأطاعوا الله عز وجل. ﴿هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ﴾
[الرحمن: 60]
وهذا
فيه الحث على الإحسان في هذه الدنيا، وأن الإنسان يكون محسنًا فيما بينه وبين الله
سبحانه وتعالى بطاعته وابتغاء مرضاته عز وجل، والخوف من عقابه. ويكون محسنًا فيما
بينه وبين الناس، وفيما بينه وبين البهائم، فيُحْسِن إليها، حتى مَن أَحْسَن إلى
الكلب، فقد غفر الله سبحانه وتعالى له؛ كما في الحديث. وعَذَّب الله امرأة مؤمنة
بسبب هرة حبستها حتى ماتت!!
ففي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غُفِرَ لاِمْرَأَةٍ مُومِسَةٍ، مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، قَالَ: كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ المَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ» ([1]).