﴿لَّا
يَذُوقُونَ فِيهَا بَرۡدٗا﴾، أي: نومًا، ﴿لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا
بَرۡدٗا وَلَا شَرَابًا﴾. وقيل: هم دائمًا في عذاب حار لا
برد معه ﴿إِلَّا
حَمِيمٗا وَغَسَّاقٗا﴾ مقابل ,﴿جَزَآءٗ وِفَاقًا﴾ مقابل.
﴿جَزَآءٗ﴾، هذا الذي حصل لهم من العذاب جزاء على أعمالهم،
وما ظلمهم الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم لم يُقَدِّموا لأنفسهم إلاَّ الكفر والضلال،
فجزاهم الله بأعمالهم.
﴿وِفَاقًا﴾، أي: مطابقًا لأعمالهم، مَن قَدَّم خيرًا وجد
خيرًا، ومَن قَدَّم شرًّا وجد شرًّا؛ كما جاء في الحديث القدسي من قول رب العزة
سبحانه وتعالى: «يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ،
ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ
وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلاَ يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَهُ» ([1]).
وبَيَّن
سبحانه وتعالى السبب الذي جعلهم في هذه الحال، فقال عز وجل: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ لَا
يَرۡجُونَ حِسَابٗا﴾.
﴿وَكَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا﴾،
أي: في الدنيا، ﴿كَانُواْ
لَا يَرۡجُونَ حِسَابٗا﴾، لا يؤمنون بالبعث والنشور ولقاء
الله سبحانه وتعالى، بل كانوا يُكَذِّبون بذلك.
﴿وَكَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَا﴾، كَذَّبوا
بآيات الله الدالة على البعث والنشور، وسَخِروا منها، ولم يستفيدوا منها ولم
ينتفعوا بها، ﴿كِذَّابٗا﴾:
مصدر من كَذَّب، أي: تكذيبًا، فهو مصدر مُؤكِّد للفعل.
﴿وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ كِتَٰبٗا﴾، أحصى الله سبحانه وتعالى عليهم أعمالهم، وكتبها عليهم بأيدي الحفظة التي تَكتب عليهم كل ما يَصدر منهم، فلو أنهم أنكروه ما استطاعوا لأنه مُثْبَت عليهم، وهم يعترفون بهذا.
([1])أخرجه: مسلم رقم (55).