×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

ثم إنه تعالى أعاد قصة ابن أم مكتوم، فقال عز وجل: ﴿وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسۡعَىٰ؛ لأن ابن أم مكتوم جاء مسرعًا من حرصه على الخير، وما كان متباطئًا ولا متثاقلاً، وما جاء بكسل وفتور، بل جاء مندفعًا يريد الخير. وأما هؤلاء فما هم بمقبلين عليك، وما لهم رغبة فيما تقول.

﴿فَأَنتَ عَنۡهُ تَلَهَّىٰ، تتَلَهَّى عمن جاءك بهذه الصفة وتؤجل موضوعه!!

هذا عتاب من الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على هذا الذي وقع.

وفي هذا دليل على الاهتمام بالمسلمين، وتعليمهم ما يحتاجون إليه، والاهتمام أكثر بمن عنده الرغبة في طلب العلم. وأما دعوة الكفار فيكفي فيها البلاغ، والهداية بيد الله يضعها فيمن يستحقها.

فهذه قصة عظيمة يستفاد منها: أن الاهتمام بالمسلمين وشئونهم، وتثبيت الإيمان في قلوبهم، ونشر العلم فيهم - أَوْلى من متابعة الكفار، والإكثار من دعوتهم وتَكرار الدعوة معهم، وهم لا يرغبون ذلك، فمَن أَعْرَض أَعْرَض الله عنه!!

ثم قال عز وجل: ﴿كَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ،﴿إِنَّهَا، أي: هذه السورة العظيمة، وما ذَكَر الله سبحانه وتعالى فيها، ﴿تَذۡكِرَةٞ، للمؤمنين يتذكرون بها، ويتأملونها ويتدبرونها.

وفي آية أخرى، ﴿كَلَّآ إِنَّهُۥ تَذۡكِرَةٞ [المدثر: 54]، أي: القرآن تذكرة، فهو ذِكر وتذكير وموعظة وتعليم.

قال تعالى: ﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ، أي: مَن عنده رغبة وإرادة للخير، فإنه يَذكر القرآن.

وهذا دليل على أن العبد له مشيئة وله اختيار. وأما مَن لا يشاء ذلك فلسنا مكلفين بمحاولة هدايته، وهو لا يستجيب لها! قال عز وجل: ﴿إِنَّكَ لَا


الشرح