3- ومنهم مَن يُناقَش الحساب: «وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ
عُذِّبَ»، كما في الحديث ([1])،
لكن كلهم مآلهم إلى الجنة وإن عُذِّبوا.
﴿وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورٗا﴾،
يرجع إلى أهله في الجنة مسرورًا؛ لأنه تخلص من هذه الأهوال، ولم يَضِعْ عليه شيء
من حسناته، وقد تجاوز الله سبحانه وتعالى عن سيئاته، وليس هناك أعظم من هذا
السرور.
وبعد
ذلك لا يَعْرِض له أي مشكلة ولا أي خطر في الجنة، هذا هو الفوز العظيم والنجاة!!
أما
الفريق الثاني من بني الإنسان، فذكره سبحانه وتعالى بقوله: ﴿وَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ﴾، أي: كتاب أعماله، ﴿وَرَآءَ ظَهۡرِهِۦ﴾،
يُعْطَى كتابه بشماله، وتُلْوَى يده إلى وراء ظهره.
﴿فَسَوۡفَ يَدۡعُواْ ثُبُورٗا﴾،
أي: هلاكًا وخَسارًا. بخلاف المؤمن الذي انقلب إلى أهله مسرورًا.
﴿وَيَصۡلَىٰ سَعِيرًا﴾،
أي: نارًا مستعرة، لا خلاص له منها؛ وذلك بسبب كتابه السيئ الذي أخذه بشماله من
وراء ظهره.
والسبب في هذا الموقف المخزي: ﴿إِنَّهُۥ كَانَ فِيٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورًا﴾، كان في الدنيا مسرورًا بما هو فيه من المأكل والمشرب وإعطاء النفس ما تشتهي، غافلاً عن مستقبله وعن هذا اليوم، ولا يَتصور هذا اليوم أو لا يأتي له على باله، وإنما هو مشغول بدنياه فقط، ومسرور بما هو عليه من ملذات الدنيا ومتاعها وشهواتها، ولا يعمل لآخرته، فهذا هو مآله يوم القيامة!!
([1])أخرجه: البخاري رقم (103)، ومسلم رقم (2876).