﴿وَٱلَّيۡلِ﴾،
أي: وأُقسم بالليل. لأن الليل من آيات الله سبحانه وتعالى. ﴿وَمَا وَسَقَ﴾، أي: وما جَمَع. لأن في الليل تجتمع الدواب المنبثة في
النهار، تجتمع في أوكارها وجحورها التي تـأوي إليها.
﴿وَٱلۡقَمَرِ﴾،
أي: وأُقسم بالقمر، ﴿إِذَا
ٱتَّسَقَ﴾، أي: إذا تكامل جرمه ليلة
البدر، في ليلة الرابع عشر والخامس عشر، وصار جميلاً ومنيرًا، وتام النور والإضاءة
للأرض والسماء!! وهذا من آيات الله.
والمُقْسَم
عليه هو قوله سبحانه وتعالى: ﴿لَتَرۡكَبُنَّ﴾،
أي: أيها الناس. ﴿طَبَقًا
عَن طَبَقٖ﴾، أي: لتَصيرُن إلى حال بعد
حال.
وقيل:
﴿لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن
طَبَقٖ﴾، معناه أن هذا الإنسان
يتنقل في حياته، فكان جنينًا في بطن أمه ثم وليدًا ثم رضيعًا، ثم صار طفلاً، ثم
بلغ التمييز ثم بلغ الحُلُم ثم بلغ أَشُده، ثم شاخ وهَرِم، ثم مات ودُفن، ثم
يُبعث. فهذه أحوال عديدة تمر على هذا الإنسان.
وقرئ:
﴿لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن
طَبَقٖ﴾[الانشقاق: 19]: والمخاطب هو
الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا ليلة المعراج، حين رُفِع صلى الله عليه وسلم إلى
السموات، ومر بسماء إلى سماء إلى أن وصل إلى السماء السابعة.
ومع
هذا، فالإنسان لا يَزال غافلاً، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَمَا لَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ﴾،
ما دامت هذه أحوالهم، ويشاهدون هذا الشيء ويعرفونه، ما لهم لا يؤمنون بالله سبحانه
وتعالى ورسله، ويَعملون لآخرتهم؟! ما الذي يمنعهم؟! الذي يمنعهم هو: الكسل وعدم
الإيمان واليقين والانشغال بالملذات والملهيات!
فليس لهذا الإنسان عُذْر لترك الإيمان بعد أن بَيَّن الله سبحانه وتعالى له هذه الأمور الهائلة، في هذه السورة وفي غيرها.