×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

ثم قال الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مسليًا له، وللمؤمنين الذين آذاهم الكفار من قريش في مكة: ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡجُنُودِ، أي: قد جاءك خبر هؤلاء فيما أنزل الله سبحانه في القرآن، وما أحل الله بهم من البأس، وأنزل عليهم من النقمة التي لم يَرُدها عنهم أحد! فلا يَظن هؤلاء الكفار أن الله سيتركهم وإن أمهلهم.

والجنود هم: ﴿فِرۡعَوۡنَ، وهو: رأس الطغاة الكفرة، فأغرقه الله في اليم وأغرق قومه عن آخرهم، ولم تنفعهم قوتهم وجبروتهم.

﴿وَثَمُودَ، وهم قوم نبي الله صالح عليه السلام، أهل الحِجْر، في وادي القرى، فقد كانوا في بلاد طيبة وفيها زروع ونخيل، وكانوا أقوياء ينحتون من الجبال بيوتًا، ولا تَزال باقية إلى الآن وشاهدة عليهم، قال عز وجل: ﴿فَتِلۡكَ بُيُوتُهُمۡ خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُوٓاْۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ [النمل: 52].

فبيوت قوم ثمود أبقاها الله سبحانه وتعالى عبرة للمعتبرين، ينظر إليها المسلم ويبكي. وأما الذي ينظر إليها ويُعْجَب بها، ويقول: «إنها تدل على حضارة وتقدم» فهذا غافل عن الله سبحانه وتعالى ولا يتدبر. فالذي يبكي ويخاف أن يصيبه مثل ما أصابهم مُعتبِر. وأما الذي يدخلها معجبًا ومتفاخرًا بها، ويقول: «هذه مفخرة، وحضارة يُحتفظ بها، وهذا رُقي وتقدم» فهذا مغرور، لم يستفد شيئًا من رؤيتها.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ، - يَعْنِي أَصْحَابَ ثَمُودَ - إلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ» ([1]).


الشرح

 ([1])أخرجه: البخاري رقم (433)، ومسلم رقم (2980).