وعن
عائشة رضي الله عنه أنها قالت: «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا»
([1]).
فالدين
مبني على اليسر والسهولة، ورفع الحرج - ولله الحمد -، بخلاف الأمم السابقة، فإن
الله سبحانه وتعالى قد عاقبها بكفرها، وشَدَّد عليها، وحَرَّم عليها أشياء ليست
محرمة في الأصل عقوبةً لها.
وأما
هذه الأمة - ولله الحمد -، فإن الله سبحانه وتعالى رفع عنها الإصر والأغلال،
وسَهَّل ويَسَّر عليها أمور دينها، قال عز وجل: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ﴾ [الحج: 78]، فهذا من تيسير
الله سبحانه وتعالى.
ثم
أَمَر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يُذَكِّر الناس بما عَلَّمه
الله سبحانه وتعالى بالدعوة. وهكذا العالِم إذا عَلَّمه الله سبحانه وتعالى، فإنه
ينبغي عليه أن يُعلِّم الناس وأن لا يقتصر على نفسه.
قال
عز وجل: ﴿فَذَكِّرۡ﴾: أي: ذَكِّر الناس بربهم، ذَكِّرهم بالوعد والوعيد،
ذَكِّرهم بالآخرة، ذَكِّرهم بالموت، والبعث والنشور، والحساب، وبالجنة والنار.
وهذا أَمْر من الله سبحانه بالتذكير، وهو أَمْر للأمة.
﴿فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ﴾ هذا على قولين:
القول الأول: أنه إذا لم تنفع الذكرى فلا تُذكِّر؛ لأنه لا فائدة منها. وذلك إذا تعامى الكفار والأشقياء، وصَمُّوا آذانهم وامتنعوا من القَبول، فلا فائدة فيهم، فالواعظ والمُذكِّر، إنما يُذكِّر إذا كانت هناك فائدة للذكرى. أما القوم المُعْرِضون الذين لا يَقبلون ويكابرون، فهؤلاء حسابهم على الله سبحانه وتعالى.