ولا
شاحبة، وإنما هي وجوه ناعمة؛ كما قال عز وجل: ﴿تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِهِمۡ نَضۡرَةَ ٱلنَّعِيمِ﴾
[المطففين: 24]، فهي ناعمة، أي: مُنَعَّمة، وبَشَرتها ناعمة لِما تجده من النعيم
والسرور الذي يَظهر على وجوههم.
﴿لِّسَعۡيِهَا رَاضِيَةٞ﴾،
لعملها الذي قَدَّمَتْه في الدنيا راضية عنه، لما وَجدت جزاءه، قال عز وجل: ﴿جَزَآؤُهُمۡ عِندَ
رَبِّهِمۡ جَنَّٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ
أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ
رَبَّهُۥ﴾ [البينة: 8].
فدل
هذا على أن العمل هو مناط الجزاء يوم القيامة، فإن كان خيرًا فجزاؤه خير، وإن كان
شرًّا فجزاؤه شر، قال عز وجل: ﴿فَٱلۡيَوۡمَ لَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡٔٗا وَلَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا
كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [يس: 54].
فلا
يتمنى أحد على الله سبحانه وتعالى الأماني من غير عمل، أو يعتمد على شرفه أو على
نسبه أو على ماله أو على سلطانه؛ فإن هذا كله لا ينفعه يوم القيامة، قال عز وجل: ﴿يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ
وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا
مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ﴾ [الشعراء: 88- 89].
﴿لِّسَعۡيِهَا رَاضِيَةٞ﴾،
الذي سعته في الدنيا من الأعمال الصالحة، فإنها ترضى يوم القيامة إذا وجدت جزاءه
عند الله سبحانه وتعالى، ويضاعفه الله عز وجل أضعافًا كثيرة من فضله وإحسانه.
﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٖ﴾، يَكفي أنها جنة، فكيف إذا كانت عالية الظل والأنهار والثمار؟ ﴿عَالِيَةٖ﴾، مرتفعة في عليين، والكفار في سِجين - والعياذ بالله - في دَرَكات جهنم، وهؤلاء في درجات الجنة وفي المنازل العالية المرتفعة، وسقفها عرش الرحمن سبحانه وتعالى، فلا أرفع من هذا المكان!!