﴿ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ﴾، أي: لم يُخلق مثل قوم عاد؛ ولذلك اغتروا، ﴿فَأَمَّا عَادٞ
فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا
قُوَّةًۖ﴾ [فصلت: 15]؛ لأنه لم يُخلق
مثلهم في القوة والعتاد، ولكن لم ينفعهم ذلك، بل صار ضررًا عليهم.
النموذج
الثاني: قبيلة ثمود، وكانوا يسكنون في بلاد الحِجْر، شمالي
الحجاز، في وادي القرى، والتي تسمى الآن: «مدائن صالح»، وقد كانت بلادًا خصبة من
النخيل والزراعة والقوة، قال عز وجل عن قوم صالح عليه السلام: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ
جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ عَادٖ وَبَوَّأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورٗا وَتَنۡحِتُونَ ٱلۡجِبَالَ بُيُوتٗاۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ
مُفۡسِدِينَ﴾ [الأعراف: 74]، وكانوا مهرة
في نحت الحجارة، يخلقونها، وينقشونها، ويجعلونها مساكن لهم، وهي باقية إلى الآن،
قال عز وجل: ﴿وَكَانُواْ
يَنۡحِتُونَ مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُيُوتًا ءَامِنِينَ﴾
[الحجر: 82]، قال عز وجل عن قوم صالح عليه السلام: ﴿وَتَنۡحِتُونَ مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُيُوتٗا فَٰرِهِينَ﴾
[الشعراء: 149].
فطغوا
وتكبروا، فأهلكهم الله، قال عز وجل: ﴿فَتِلۡكَ بُيُوتُهُمۡ خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُوٓاْۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ
لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ﴾ [النمل:
52]، وقال عز وجل: ﴿وَكَمۡ
أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةِۢ بَطِرَتۡ مَعِيشَتَهَاۖ فَتِلۡكَ مَسَٰكِنُهُمۡ لَمۡ
تُسۡكَن مِّنۢ بَعۡدِهِمۡ إِلَّا قَلِيلٗاۖ وَكُنَّا نَحۡنُ ٱلۡوَٰرِثِينَ﴾
[القصص: 58].
وأبقى
الله سبحانه وتعالى مساكنهم آية لمن يعتبر، والنظر فيها ليس للفخر، كما يقول أهل
الجهالة بأن هذا تقدم وحضارة! وينظرون فيها نظرة الفخر والتعظيم، بل النظر فيها
للاعتبار والعظة والتفكر!!
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحِجْرِ، قَالَ: «لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ،