من
مصلحته ليعود إلى رشده، ويذوق عقوبة المعصية ويعرف قيمة العقل، ويترك المُسْكِر.
وكذلك
من باب أَوْلى تعاطي المُخَدِّرات، وهي أشد من المسكرات؛ حيث تُحَوِّل الإنسان إلى
حيوان بل أخس من الحيوان، وتقضي على حياته، ويصبح في حياته عالة على غيره؛ بسبب
هذه المُخَدِّرات.
وكذلك
المُفَتِّرات من الدخان والقات، فهذه من شأنها أن تؤثر على العقل، فهي تُفَتِّر
الإنسان عن العمل والنشاط، والجد والاجتهاد؛ ولهذا جاء في الحديث عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ، قَالَتْ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ
مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ» ([1])؛
لأن التفتير يُثَبِّط عن العمل والنشاط، كما أنه وسيلة إلى تعاطي المسكر! فالإنسان
يتدرج من الدخان إلى القات، إلى المُسْكِرات، ثم إلى المُخَدِّرات.
فيجب
على المسلم أن يحافظ على عقله الذي هو الميزة بينه وبين الحيوانات، والذي به يَعرف
مصالحه ويَعرف مضاره، ويُمَيِّز به بين الضار والنافع، ويميز به بين الطيب
والخبيث، والحسن والقبيح، فالعقل له حرمه؛ ولذلك صارت المحافظة على الضرورات
الخمس.
ثم
ذَكَر الله سبحانه وتعالى مَن لم ينتفعوا ولم يهتدوا بعقولهم إلى الصواب، فذَكَر
سبحانه وتعالى عقوباتهم وجعلهم مَثَلاً لغيرهم، فهم نموذج من المنحرفين عن العقول،
فعندهم عقول لكنهم صرفوها إلى غير ما ينفعهم، صرفوها لمصالح الدنيا وللملذات والمشتهيات.
مثلهم الآن دول الكفر التي تقدمت في الصناعة والمخترعات، ولكنهم لم يلتفتوا إلى الآخرة ولم ينتفعوا بعقولهم، فهم قد شَغلوا
([1])أخرجه: أبو داود رقم (3686)، وأحمد رقم (26634)، والطبراني في «الكبير» رقم (781).