×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

عقولهم بشيء يَفنى ويُسْلَب منهم، فليس هناك مانع من أن يصنعوا ولا مانع من أن يخترعوا، ولكن لا يجوز أن يكون هذا هو شغلهم الشاغل في هذه الحياة الدنيا، قال عز وجل: ﴿يَعۡلَمُونَ ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ غَٰفِلُونَ [الروم: 7].

فالمسلم يَجمع بين هذا وهذا، فيعمل لدينه ويعمل لدنياه وآخرته، فلا يقال: «إن الإنسان يترك الدنيا، ويتفرغ لعمل الآخرة فقط»، ولا يقال: «إن الإنسان يتفرغ للدنيا ويشتغل بها، ويترك الآخرة»، لا؛ فهذا لم يأمر به الله سبحانه وتعالى، بل على الإنسان أن يَجمع بين مصالح دينه ودنياه، هذا هو المطلوب.

* وقد ذَكَر الله عز وجل في هذه السورة ثلاثة نماذج للطغاة:

النموذج الأول: قوم عاد، قال عز وجل: ﴿أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ: «عاد»: هي قبيلة جاءت بعد قوم نوح عليه السلام، ونبيهم هو هود عليه السلام، وكانوا يسكنون في الجنوب الشرقي من جزيرة العرب، في بلاد الأحقاف، وهي بلاد زراعية وبلاد طيبة التربة والهواء، ففيها خيرات، وقد أعطاهم الله بلادًا طيبة وأجسامًا قوية؛ ولهذا ذَكَّرهم نبيهم هود عليه السلام بذلك.

قال عز وجل عن هود عليه السلام: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ قَوۡمِ نُوحٖ وَزَادَكُمۡ فِي ٱلۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةٗۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ [الأعراف: 69]، أي: سَعة في الأجسام وقوة عظيمة، فهم أقوى وأطول بني آدم أجسامًا، حتى إنهم لما أنذرهم نبيهم هود عليه السلام طَغَوْا واستكبروا، وغرتهم قوتهم، قال عز وجل: ﴿فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ[فصلت: 15]، أي: ليس علينا خوف أبدًا لأننا أقوياء!!


الشرح