وهذه
المقولة تقال عند موت المؤمن، فإذا أراد الله قبض نفس المؤمن اطمأنت إلى الله،
ورَضِيتْ عن الله ورضي الله عنها. وتقال له عند البعث.
فالمُحتضَر
يُنادَى بهذا، قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ
عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَبۡشِرُواْ
بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ﴾
[فصلت: 30].
وكذلك
في الآخرة يقال لها: ﴿يَٰٓأَيَّتُهَا
ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ ٢٧ ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ﴾.
قال
عز وجل: ﴿فَٱدۡخُلِي
فِي عِبَٰدِي﴾، في جملة عبادي الصالحين
المطيعين المُصْطَفَيْنَ، كوني مع المؤمنين في الآخرة في الجنة، كما كنتِ مع
المؤمنين في الدنيا.
قال
عز وجل: ﴿وَٱدۡخُلِي
جَنَّتِي﴾، فأهل الشرك والكفر تبرز
لهم النار، وأهل الإيمان والطاعات والأعمال الصالحة يُدْعَون إلى دخول الجنة،
فيدخلونها، وهؤلاء يُلْقَون في النار مسلسلين مُقَرَّنين بالأصفاد - والعياذ بالله
-.
وقيل:
المراد بقوله عز وجل: ﴿فَٱدۡخُلِي
فِي عِبَٰدِي﴾، إنما يقال لها ذلك عند
البعث، أي: إلى صاحبكِ وجسدكِ، فهي كانت ميتة مُفارِقة للبدن، وفي يوم القيامة
يأمر الله الأرواح أن ترجع إلى الأجساد. ولا مانع أن الآية تشمل كلا المعنيين.
عن سعيد بن جُبَيْر قال: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما بِالطَّائِفِ، فَجَاءَ طَيْرٌ لَمْ يُرَ عَلَى خِلْقَتِهِ، فَدَخَلَ نَعْشَهُ، ثُمَّ لَمْ يُرَ خَارِجًا مِنْهُ، فَلَمَّا دُفِنَ تُلِيَتْ هَذِهِ الآَيَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، لاَ يُدْرَى مَنْ تَلاَهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ عز وجل: ﴿يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ ٢٧ ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ ٢٨ فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي ٢٩ وَٱدۡخُلِي جَنَّتِي﴾، هذه عاقبة النفس المطمئنة.