فهؤلاء
لم يَعلموا حكمة الله سبحانه وتعالى في النعم والشدائد، وجعلوا المقياس للكرامة
والإهانة هو أمور الدنيا، فالله سبحانه وتعالى يعطي الدنيا لمن يُحِب ومَن لا
يُحِب، وأما الدين فلا يعطيه إلاَّ لمن يُحِب ([1]).
والفقر
وقلة ذات اليد ليست دليلاً على إهانة الله سبحانه وتعالى للعبد، فقد يكون أراد
الله سبحانه وتعالى به خيرًا، فرُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب - لو أَقسم على
الله لأبره؛ كما في الحديث.
عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ
جِبْرِيلَ عليه السلام، عَنِ اللهِ سبحانه وتعالى قَالَ: «يَقُولُ اللهُ عز وجل:
وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لاَ يُصْلِحُ إِيمَانُهُ إلاَّ
الْغِنَى وَلَوْ أَفْقَرْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ
الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لاَ يَصْلُحُ إِيمَانُهُ إلاَّ الْفَقْرُ، وَلَوْ
أَغْنَيْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ
لاَ يَصْلُحُ إِيمَانُهُ إلاَّ الصِّحَةُ، وَلَوْ أَسْقَمْتُهُ لَأَفْسَدَهُ
ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لمَنْ لاَ يَصْلُحُ إِيمَانُهُ،
إلاَّ السَّقَمُ، وَلَوْ أَصْحَحْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ إِنِّي أُدَبِّرُ
أَمَرَ عِبَادِي بِعِلْمِي بِقُلُوبِهِمْ، إِنِّي عَلِيمٌ خَبِيرٌ» ([2]).
فالله
حكيم عليم سبحانه وتعالى !! وكثير من الناس ينظرون إلى الكفار، وإلى ما هم فيه من
أمور الدنيا والتقدم الصناعي والاختراعات، وإلى ما في بلادهم من الخيرات والإنتاج،
والأمطار الكثيرة والأنهار... وغير ذلك، وينظرون إلى المسلمين، وإلى ما هم فيه،
وإلى ما يقاسونه من انحباس الأمطار ومن القحط والفقر.
فيَظن ويَعتقد أن الكفار خير من المسلمين، ويظن أن الإسلام هو السبب في تأخر المسلمين، وأن ما يقع بالمسلمين إنما هو بسبب
([1])أخرجه: أحمد رقم (3672)، والبزار رقم (2026)، والحاكم رقم (94).