والله سبحانه وتعالى أعلم
بها، فهي سر من أسرار الله، لا يعلمه إلاَّ الله عز وجل، قال عز وجل: ﴿وَيَسَۡٔلُونَكَ عَنِ
ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ
إِلَّا قَلِيلٗا﴾ [الإسراء: 85].
وهذه
الرُّوح تتصل بالبدن ولا تنفصل عنه، فهي تتصل به وهو في بطن أمه، وتتصل به بعد
ولادته مدة عيشه في الدنيا، وتتصل به في النوم، وتتصل به في القبر، وتتصل به في
الآخرة، وهذا اتصال دائم.
فهذه
الرُّوح وهذه النفس من آيات الباري سبحانه وتعالى، وقد عجزت البشرية عن إدراكها
ومعرفة حقيقتها، مع أنها بين أضلاعهم وفي أجسامهم، ومع هذا لا يعلمون حقيقتها!!
﴿وَنَفۡسٖ﴾، نكرة؛
لتعم كل النفوس: نفس الإنسان، والبهائم، والحشرات، وكل ما يتحرك وكل ما فيه رُوح.
﴿وَمَا سَوَّىٰهَا﴾،
الله عز وجل سَوَّى النفوس بأن أعطاها ما تحتاج إليه، كل نفس بحَسَبها.
﴿فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا﴾،
فهي إما فاجرة خارجة عن طاعة الله عز وجل، فاسقة منحطة. وإما تقية صالحة بارة.
فالنفوس
ليست على حد سواء، وهذا من آيات الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى هو الذي ألهمها
فجورها وألهمها تقواها، فالأمر بيد الله عز وجل، وهذا بقضاء الله عز وجل وقدره،
وهو من آياته سبحانه وتعالى.
ولكن الإنسان سبب في سعادة نفسه أو شقاوتها، فالقدر بيد الله سبحانه وتعالى والسبب من المخلوق؛ ولهذا قال عز وجل: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ٩ وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا﴾، ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا﴾، أي: فاز ونجا مَن زَكَّى نفسه بالطاعة ورفعها بالعبادة وأكرمها، ورعاها رعاية صحيحة، فهذا يفلح ويربح، ويفوز في الدنيا والآخرة، فهو السبب في ذلك.