ثم
قال عز وجل: ﴿فَأَمَّا
مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ﴾
مِن
الناس مَن سعيه في الخير، فيُعْطِي المال في وجوه الخير، ويتقي الله سبحانه وتعالى،
ويُصَدِّق بالحسنى، أي: بالجزاء والخَلَف من عند الله، قال عز وجل: ﴿قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ
ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَآ أَنفَقۡتُم
مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ﴾ [سبأ: 39]، فلا يبخل بالمال ويظن أن المال بيده، بل
المال بيد الله سبحانه وتعالى، فإذا أنفقتَ أنفقَ عليك، وإذا بَخِلتَ فإنه يُمْسِك
رزقه سبحانه وتعالى عنك.
قيل:
«الحسنى» هي: الخَلَف من الله جل جلاله. وقيل: «الحسنى» هي: الجنة. وقيل: الحسنى
هي: «لا إله إلاَّ الله». وكل هذه التفاسير تدخل في معنى الآية.
وهناك
مَن يعطي المال ويُجْزِل العطاء، ولكنه رياء وسمعة، وليس من أجل وجه الله سبحانه
وتعالى، ولا صَدَّق بالحسنى، ولا اتقى ربه، وإنما يبذل المال في البذخ رياء وسمعة،
أو ينفق المال فيما حَرَّمه الله سبحانه وتعالى من الشهوات المحرمة والمعاصي. فهو
ينفق المال لكنه في غير وجهه.
ولكن
الذي اتقى الله سبحانه وتعالى وصَدَّق بالحسنى - هذا هو الذي ينفعه إنفاقه وينفع
الناس - أيضًا -، وينمي المصالح للناس، فعطاؤه ينمي المجتمع.
وأما
مَن بَذَل المال في الرياء والسمعة، ولم يُصَدِّق بما عند الله سبحانه وتعالى، ولم
ينفق طلبًا لثواب الله سبحانه وتعالى أو ينفقه في معصية الله سبحانه وتعالى - فهذا
مخالف للأول.
﴿فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ﴾، ييسره الله سبحانه وتعالى لليسرى، ويهديه الطريق الصحيح وموافقة الحق والصواب؛ لأنه بَذَل السبب للهداية والتيسير لليسرى. فالعبد عليه أن يبذل السبب، والله سبحانه وتعالى منه التوفيق والهداية والتيسير.