لِعَمَلِ
أَهْلِ الشَّقَاوَةِ» ([1])،
ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَأَمَّا
مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥ وَصَدَّقَ
بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦ فَسَنُيَسِّرُهُۥ
لِلۡيُسۡرَىٰ ٧ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ ٨ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ﴾
[الليل: 5- 10].
فالآية
فيها: رَدٌّ على الجبرية الذين يعتمدون على القضاء والقدر.
وفيها:
رَدٌّ على المرجئة الذين يعطلون العمل، ويقولون: «إنه يكفي الإيمان بالقلب، ولا
ضرورة للعمل». فالذي يترك العمل إما أنه جبري أو مرجئ. أما الذي يَجمع بين الإيمان
بالقضاء والقدر وبين العمل فيما ينفع وتجنب ما يضر، فهذا هو المؤمن وهذا هو الطريق
الصحيح، وهذا هو مذهب أهل السُّنة والجماعة، - والحمد لله -.
ثم
قال الله سبحانه وتعالى في الذي بَخِل واستغنى وكَذَّب بالحسنى: ﴿وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ
مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ﴾،
إذا مات ما يغني عنه ماله، فلم يُقَدِّم لنفسه شيئًا ولم يؤمن بما وعد الله به
سبحانه وتعالى، بل إنه بَخِل واستغنى وكَذَّب بالحسنى. فهذا لابد أن يأتيه الموت،
ولو كان عنده مليارات، أو كما يقولون: «مليونير»، وعنده أموال الدنيا، إذا جاء
الموت ولم يكن قد قَدَّم لنفسه شيئًا من هذا المال، فإنه يَخرج منه وليس معه شيء،
ويأخذه غيره ممن قد يكون عدوًّا له من ورثته!!
﴿وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ﴾، هذا استفهام إنكار، أي: ماذا يفيده هذا المال الذي تَعِب
وأفنى حياته فيه، وحبسه ولم ينتفع به ولم ينفع به؟! فهذا لا يغنيه شيئًا عند الله
سبحانه وتعالى.
قال عز وجل: ﴿قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [سبأ: 36]، أي: إن الله سبحانه وتعالى يُضَيِّق على من يشاء، ويَبسط على
([1])أخرجه: البخاري رقم (4949)، ومسلم رقم (2647).