ثم
بَيَّن الله عز وجل كيف أنه صار أشقى، فقال عز وجل: ﴿ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ﴾، أي: كَذَّب بوعد الله سبحانه وتعالى، كَذَّب بقلبه،
يقول: إنه ليس هناك جنة أو نار، وهذه خرافات، وليس هناك بعث أو نشور، وإنما هذه
خرافات وأساطير.
فـ
﴿كَذَّبَ﴾ بقلبه، ﴿وَتَوَلَّىٰ﴾، بفعله، فلا يُصَلِّي ولا يُزَكِّي ولا يصوم، ولا يحج
ولا يعتمر، ولا يعمل شيئًا، فهو قد تولى وانصرف عن الخير، وهذا التولي مُسَبَّب عن
تكذيبه، فإنه لما كَذَّب بقلبه تولى بأفعاله.
ثم
بَيَّن الله عز وجل ما الذي يقي من هذه النار التي تتلظى، فقال عز وجل: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا
ٱلۡأَتۡقَى﴾، يُجَنَّبها، فلا يدخلها
ولا يجد حرها. قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ
عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ ١٠١ لَا
يَسۡمَعُونَ حَسِيسَهَاۖ وَهُمۡ فِي مَا ٱشۡتَهَتۡ أَنفُسُهُمۡ خَٰلِدُونَ ١٠٢ لَا يَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّىٰهُمُ
ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ هَٰذَا يَوۡمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء: 101- 103].
وقوله
عز وجل: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا
ٱلۡأَتۡقَى﴾، يدل على أن السبب مِن قِبل
العبد. فمَن اتقى الله سبحانه وتعالى وعَمِل بطاعته، جَنَّبه الله هذه النار. ومَن
كَذَّب وتولى، أصلاه الله النار.
فالعباد
يُجْزَون بأعمالهم، ولا يَظلم ربك أحدًا، فعمل العبد هو الذي بسببه يُدخله النار
أو يُدخله الجنة، وليس بالقضاء والقدر فقط، والله سبحانه وتعالى يُقدر على كُلٍّ
بحَسَب عمله.
قال عز وجل: ﴿ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ﴾، ماله الذي يملكه، وهو أغلى شيء عنده.