وعلى
المعنى الثاني، فإنه خاص بالكافر الذي عصى الله وكفر به
سبحانه وتعالى، فإن الله سبحانه وتعالى يرده في أسفل سافلين في النار.
وهذا
المعنى أرجح من المعنى الأول؛ بدليل قوله: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾،
فيُقابِل الذين آمنوا: الكفار. أما كِبَر السن فهذا لا يختص به أحد، فالمؤمن
والكافر كلاهما سواء، فهذا لا يمكن الاستثناء منه، إنما الاستثناء يناسب المعنى
الثاني.
وقد
قال عز وجل: ﴿إِلَّا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾، آمنوا
بالله جل جلاله ربهم وخالقهم وإلههم.
﴿وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ﴾،
الأعمال الصالحة داخلة في الإيمان، فلا يكون إيمان بدون أعمال صالحة، ولكن نص
عليها من أجل الاهتمام بها، كما قال عز وجل: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ
لِلَّهِ قَٰنِتِينَ﴾ [البقرة:
238]، فالصلاة الوسطى داخلة في الصلوات، ولكن الله سبحانه وتعالى خصها بالذكر
لأهميتها.
﴿فَلَهُمۡ أَجۡرٌ﴾،
أجر عند الله سبحانه وتعالى، لا يعلمه إلاَّ الله. و﴿أَجۡرٌ﴾، هنا نكرة
للتفخيم والتعظيم، فلا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى، وهو بحَسَب أعمالهم، ﴿غَيۡرُ مَمۡنُونٖ﴾، أي: غير مقطوع، فأجرهم متواصل إلى أبد الآباد في
الجنة. بخلاف ما يكون في الدنيا، فهو وإن طاب وإن لذ فإنه ينقطع. وأما نعيم الآخرة
فإنه لا ينقطع، كما أن عذابها - أيضًا - لا ينقطع.
ثم
قال عز وجل: ﴿فَمَا
يُكَذِّبُكَ﴾، أيها الرسول، ﴿بَعۡدُ﴾، أي: بعد ما عُرفت هذه الآيات، وهذه النعم التي أنعم
الله سبحانه وتعالى بها عليك، فما السبب الذي يجعلك تُكَذِّب؟
﴿بِٱلدِّينِ﴾، أي: بالحساب، وهذا في منكري البعث، فما الذي يحملك على التكذيب بالبعث والحساب بعد ما عَرَفْتَ قدرة الله سبحانه وتعالى