ثم
قال عز وجل: ﴿ٱقۡرَأۡ﴾، أعادها مرة ثانية، ﴿وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ﴾،
ومن كرمه سبحانه وتعالى أن أوحى إليك وعَلَّمك؛ لتُعَلِّم ولتُنْذِر ولتُبَشِّر.
فهذا من كرمه سبحانه وتعالى.
قال
عز وجل: ﴿ٱلَّذِي
عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ﴾، عَلَّم
بالقلم الذي يُكتب به. والقلم الذي في أيدينا من آيات الله سبحانه وتعالى، فنكتب
به العلم والديون والتاريخ، ويَحفظ علينا العلم، فالكتابة قَيْد للعلم.
وهذا
من آيات الله سبحانه وتعالى، ومن وسائل التعليم، والكتب على اختلافها - من قرآن،
وأحاديث، ولغة، وفقه - كلها مكتوبة بالقلم.
ثم
قال: ﴿عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ
مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ﴾،
فالإنسان في بداية أمره لا يعلم أي شيء، قال عز وجل: ﴿وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ
شَيۡٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفِۡٔدَةَ
لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾
[النحل: 78].
فعَلَّمَك
الله سبحانه وتعالى أيها الرسول، ما لم تكن تعلم، قال الله لرسوله صلى الله عليه
وسلم: ﴿وَأَنزَلَ ٱللَّهُ
عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ
فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ عَظِيمٗا﴾ [النساء: 113].
فهذه
مِنَّة من الله سبحانه وتعالى أن: ﴿عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ﴾،
من العلم الشرعي، والعلم الدنيوي الذي يدرك به مصالحه، فكله من تعليم الله سبحانه
وتعالى. وهذا خاص بالإنسان، ومِن نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان أن الله
عَلَّمه ما لم يعلم.
ثم
إن الله سبحانه وتعالى بَيَّن حالة هذا الإنسان الكافر أو الظالم مع هذه النعم،
فقال عز وجل: ﴿كَلَّآ
إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ ٦ أَن
رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ﴾،
فالسبب في كون الإنسان يطغى هو أنه قد رأى نفسه استغنى عن الله سبحانه وتعالى !!
وهو في الحقيقة ضعيف فقير، لكنه أُعجب بنفسه لَما تَعَلَّم وصار له مال! وهذه هي
طبيعة الإنسان إلاَّ مَن رحم الله.