وعلى
كل حال، فمَن اقتصر على ليلة واحدة، فإنه لا يَضمن أن يدرك ليلة القدر. وأما مَن قام
جميع ليالي الشهر، فإنه قد أدرك ليلة القدر لأنها تمر عليه ولا شك. فلا يُدْرِك
هذه الليلة يقينًا إلاَّ مَن قام جميع الليالي من رمضان.
عن
أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَامَ
لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ» ([1]).
وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحراها في العشر الأوسط من رمضان، وكان يعتكف فيها
طلبًا لليلة القدر، ثم تبين له أنها في العشر الأواخر فانتقل باعتكافه إلى العشر
الأواخر، يتحرى ليلة القدر. وقد بقي صلى الله عليه وسلم على اعتكافه في العشر
الأواخر حتى توفاه الله سبحانه وتعالى، فيترجح أن هذه الليلة العظيمة في العشر
الأواخر.
ولهذه
الليلة فضائل:
أولاً:
سماها الله ليلة القدر، وسماها ليلة مباركة. فهذا يدل على فضلها.
ثانيًا:
نَوَّه الله بشأنها وفَخَّم أمرها، فقال: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ ١ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ﴾.
ثالثًا:
قال عز وجل: ﴿لَيۡلَةُ
ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ﴾.
رابعًا: قال عز وجل: ﴿تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ﴾، مما يدل على فضلها، أي: يَكثر نزولهم في هذه الليلة، وتَحضر عمل المسلمين وتَحضر في المساجد، وتساعد المسلمين وتُقَوِّي عزائمهم على قيام هذه الليلة.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1901).