×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

والمقصود من هذه الآية - والله أعلم -: مشروعية الذبح من أجل التقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

فالذين يذبحون لغير الله سبحانه وتعالى، كأن يذبحوا للقبور والأضرحة، وللمخلوقين الأحياء والأموات، على وجه التعظيم لهم والتقرب إليهم - فهذا من الشرك الأكبر، وهو مُخْرِج من الملة؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد قرن الذبح مع الصلاة، فدل على أنه عبادة عظيمة، ولا يجوز الذبح لغير الله سبحانه وتعالى على وجه التعظيم والتقرب، بل يجوز على وجه التكريم والضيافة.

وقيل: معنى قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ، أن تضع يدك على نحرك في الصلاة.

عن عليِّ بنِ أبي طالب رضي الله عنه قال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ ٢ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ النَّحِيرَةُ الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَبِّي؟، قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَحِيرَةٍ وَلَكِنَّهُ يَأْمُرُكَ إِذَا تَحَرَّمْتَ لِلصَّلاَةِ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ إِذَا كَبَّرْتَ، وَإِذَا رَكَعْتَ، وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهَا صَلاَتُنَا وَصَلاَةُ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةً، وَزِينَةُ الصَّلاَةُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ» ([1]).

ثم قال عز وجل: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ، «الشانئ» هو: المُبْغِض، و«الشَّنَآن»: هو: البغض؛ كقوله عز وجل: ﴿وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَ‍َٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُواْۘ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ [المائدة: 2].

والذي يبغض الرسول صلى الله عليه وسلم كافر.


الشرح

 ([1])أخرجه: الحاكم رقم (3981)، والبيهقي في «الكبرى» رقم (2527).