مَا تَظُنُّونَ أَنِّي
فَاعِلٌ بِكُمْ؟» قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ
كَرِيمٍ قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ» ([1]).
فعفا
عنهم صلى الله عليه وسلم، مع أنهم أذَوه وضايقوه، وحاربوه وعادَوه طيلة البعثة،
ولكنه صلى الله عليه وسلم عفا عنهم، فأسلم منهم خَلْق كثير!!
ولما
عَلمَتْ قبائل العرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فتح مكة، وأن أهلها قد
أسلموا؛ عَرَفوا عند ذلك أن ليس هناك مفر لهم من اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛
لأنه لما استولى على مكة لم يَبْقَ لهم حينئذٍ مُدافِع.
ودخل
الناس في دين الإسلام أفواجًا، أي: جماعات، بدلاً من أن كان يدخل الناس أفرادًا
مختفين خائفين، صاروا يدخلون جماعات معلنين.
وهذا
هو معنى قوله عز وجل: ﴿إِذَا
جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ﴾
أي: فتح مكة ([2]).
وأما
قوله عز وجل: ﴿إِنَّا
فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا﴾
[الفتح: 1]. فهذا في صلح الحديبية ([3])،
وهو مقدمة لفتح مكة.
والفتح
هنا المراد به: فتح مكة.
﴿وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ﴾
أي: أيها الرسول صلى الله عليه وسلم، رأيت الناس وأبصرتهم.
﴿يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ﴾، أي: دين الإسلام؛ لأن الإسلام هو دين الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ﴾ [آل عمران: 19]، فالإسلام هو دين الله سبحانه وتعالى، وما عدا الإسلام فإنه دين الشيطان. وإضافة الدين إلى الله سبحانه وتعالى إضافة تشريف.
([1])انظر: تفسير القرطبي (9/ 258)، والسيرة النبوية لابن كثير (3/ 570).